أكّد مصدر سياسي مُطلع عبر صحيفة "الديار" أن "رئيس الجُمهورية ​ميشال عون​ لن يألو جُهداً لإقناع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بالعودة عن استقالته. وفي حال إصرار هذا الأخير عليها، سيطلب من الحُكومة القيام بدورها لجهة ​تصريف الأعمال​، وسيعمل جاهداً على بقاء عجلة الدولة بوضعيّة الدوران، حيث أنّ قرار شلّ السُلطة في لبنان مرفوض، تحت أي ذريعة أو حجّة"، متوقعا "تصاعد الضغوط في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة على "​حزب الله​" ولبنان".

ولفت إلى أن "كرة النار ستكون بيد الرئيس عون أكثر من سواه، لأنّ عهده الرئاسي هو المُتضرّر الأوّل والأكبر ممّا حصل ويحصل، وممّا يُتوقّع أن يحصل في المُستقبل القريب أيضاً"، معربا عن تخوفه من "تحوّل الضغوط من مجرّد استقالة لرئيس الحُكومة، إلى اعتكاف كامل للحريري خارج لبنان، في حال عدم الأخذ جدّياً بمطلب النأي بالنفس".

وأوضح المصدر السياسي أن "تشكيل حكومة جديدة برئاسة الحريري وبدون مُمثّلين عن "حزب الله" غير وارد قطعياً، وخيار حُكومة تكنوقراط سقط لأنّه لا يُناسب المرحلة الحالية التي هي مرحلة شدّ حبال سياسيّة على المُستويات المحلّية والإقليميّة والدَوليّة. وأضاف أنّ خيار تشكيل حكومة جديدة من دون الحريري و"تيّار المُستقبل" غير مُحبّذ من قبل رئيس الجُمهورية قبل سواه من الجهات السياسيّة، ليس لصُعوبة نيل هكذا حُكومة الثقة في ​المجلس النيابي​ فحسب، وإنّما لأنّ المعلومات المُتوافرة لدى رئيس البلاد تؤشّر إلى أنّ الرد على هكذا حُكومة سيكون تصعيدياً أكثر، وهو فخّ لن يقع فيه"، مشيرا إلى أنّه "حتى خيار تسيير شؤون الدَولة بأقل ضرر مُمكن، من خلال قبول استقالة الحريري وتحوّل ​مجلس الوزراء​ إلى حُكومة تصريف أعمال، قد يفشل في حال أقدمت الجهات الخليجيّة الضاغطة على رمي ورقة اعتكاف الحريري خارج لبنان على الطاولة، ومُحاولة تسجيل مُقاطعة سياسيّة سنّية واسعة للدولة، بهدف شلّ السُلطة التنفيذية، والضغط على باقي القيادات اللبنانية لمنع التصرّف وكأنّ شيئاً لم يكن".

وشدّد المصدر السياسي على أنّ "حزب الله يرفض كلياً الرُضوخ للضغوط السعوديّة، وهو لن يستجيب بالتالي لمطالب وشروط انسحابه من ساحات المُواجهة الحالية في المنطقة، من سوريا إلى اليمن، و"تيّار المُستقبل" لن يكون في المُقابل قادراً على مُواصلة التصرّف ضُمن ضوابط التسوية التي حصلت قبل أكثر من عام، ما يعني أنه سيكون على رئيس الجُمهورية ابتداع المخارج المُناسبة لهذا المأزق"، لافتا الى أن "الرئيس عون يعلم جيّدًا أنّ كرة النار ستكون بيده، وسط عمليّة شدّ الحبال المُتوقّعة".

وكشف المصدر أن "أبلغ المحيطين به بأنّ أولويّاته في حال فشل الوساطات بإعادة الأمور إلى ما قبل مرحلة الاستقالة، ولوّ من خلال حوار أو تعهّد جديد بالنأي بالنفس، تُركّز أوّلاً وقبل أي شيء آخر على الحفاظ على الاستقرار بمُختلف أوجهه الأمنيّة والاقتصادية والمالية والحياتيّة، وبضرورة اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بذلك"، مضيفا: "في المرتبة الثانية تأتي مسألة استمرار عجلة الدولة بالدوران ولوّ بالحد الأدنى، لمنع تضرّر مصالح الناس ولمنع شلّ القطاعات الرسميّة في العهد الرئاسي الجديد. وتابع المصدر نفسه أنّ أولويّة رئيس الجمهورية الثالثة تتمثّل في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، إن عبر حكومة تصريف أعمال، أو حتى عبر حُكومة انتخابات مُصغّرة يتمّ تشكيلها في نهاية المطاف، في حال نجحت الضُغوط في منع اتخاذ المسؤولين المَعنيّين، الإجراءات الدستورية والتنظيميّة الكفيلة بإجراء هذه الانتخابات في أيّار من العام 2018 المُقبل".

وأشار الى أن "الخوف كل الخوف من أن تنجح الضُغوط في دفع أكثر من فريق داخلي، وفي طليعتهم "تيّار المُستقبل" وبعض القوى الحليفة له، إلى رفض المُضيّ بالانتخابات في موعدها وبالقانون النسبي الجديد، بحجّة أنّ التسوية سقطت، والقانون المذكور كان جزءًا منها، مع ما يعني ذلك من إمكان حُصول مُقاطعة واسعة، من دون استبعاد مُحاولة عرقلة هذه الانتخابات، ما لم تتمّ الاستجابة إلى مطلب قيام «حزب الله» بتطبيق سياسة «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة فعلياً وليس كلاميا".